Studies in the heritage in west of Sudan

Transcription

1 بسم االله الرحمن @ça Õà تجلياته يتناول هذا الكتاب العناصر الري يسية التي تشكل البناء الاجتماعي والتكوين الثقافي تمع دارفور والعوامل المشتركة بينهما وذلك بغرض ا براز المظاهر العامة التي تعطي صوره متكاملة بقدر الامكان للحياة المعاشة في دارفور ومدى ارتباطهم بالمفاهيم العامة والقيم والموروثات الشعبي الساي دة فيها. وتشمل هذه العناصر على الجانب الايكولوجي Setting) (Ecological لدارفور من حيث الموقع والجغرافيا وا ثر ذلك في تشكيل بعض العناصر الا خرى ذات الصلة. كالتركيبة السكانية والنشاط الاقتصادي با بعاده الا دارية والسياسية والاجتماعية المتصلة بملكية الا رض ونظام الا رض هذا بالا ضافة ا لى البعد التاريخي تمع دارفور قديما وحديثا كا حد تلك العناصر الهامة وا ثر دخول الدين الا سلامي وانتشاره في الا قليم وما نتج عنه من تحولات اجتماعية وثقافية ولغية يمثل انتشار اللغة العربية واضمحلال اللغات والمعتقدات المحلية ا هم الموقع الجغرافي وطبوغرافيا المنطقة : تقع دارفور في الجزء الغربي من السودان بين خطي طول 22 و 28 شرقا وبين خطي عرض 9 و 11 شمالا وتحدها الصحراء الليبية من الشمال حيث يندر نزول الا مطار مما جعل تلك المنطقة تبدو جافة ولا تصلح للزراعة وتنتشر فيها الشجيرات الشوكية ونبات الجزو. وفي الشرق توجد سلسلة عريضة من التلال الرملية تعرف بالقيزان. ا ما من جهة الجنوب فيقع بحر العرب حيث الا مطار الغزيرة والتربة الجيدة الصالحة للزراعة والرعي. وتنتشر في هذا الجزء ذبابة التسي تسي التي تنقل مرض النوم للا نسان والحيوان وفي الجانب الغربي تقع الحدود التشادية ا ذ لا توجد في هذه المنطقة الممتدة غربا حتى وادي باقرمي وتشاد حواجز جغرافية ولا فروق جوية ا و نباتية. وقد خضعت حدود دارفور من هذه الناحية لعدة مو ثرات سياسية وقبلية كما تمتد حدودها الغربية حتى تصل ا فريقيا الوسطى حيث يقع جبل مرة في منتصف هذا الجانب والذي تسببت تحركاته البركانية المحدودة في تشكيل مناخ تلك المنطقة التي ترتبط في مخزو ا الماي ي ينهر النيل في الشرق وبحيرة تشاد في ا قصى الغرب الا مر الذي جعل تربتها غنية بالمياه السطحية عليه يمكن تقسيم دارفور ا لى ا ربعة قطاعات مناخية تكاد تكون متساوية من حيث المساحة وتمتد من الشمال ا لى الجنوب وتتدرج من مناخ صحراوي في الشمال ا لى شبه الصحراوي في الشرق ثم سافنا فقيرة في الوسط وتتحول ا لى سافنا غنية في ا قصى الجنوب والغرب ا ما المرتفعات الجبلية فتوجد متفرقة وتحفها الكثبان الرملية المتحركة ا لى الداخل. و قد ا وضحت بعض البحوث ا ن الجزء الشمالي من دارفور قد خضع لعوامل الزحف الصحراوي القادمة من اتجاه ليبيا والتي ما تزال متواصلة مما ا دى على ا ن تجتاح المنطقة موجة قوية من ا قوى موجات الجفاف والتصحر. وذلك نتيجة لشح الا مطار وانقطاعها لسنوات عدة. وقد خلت بصورة شبه كاملة من القطاع النباتي وا صبحت هناك صعوبة في الحصول على مياه الشرب خاصة في منطقة وادي هور التي كانت ما هولة بالسكان الذين ا جبر م موجات الزحف الصحراوي للتروح ا لى الداخل. وقد ا وضح ا حد الباحثين ا ن دارفور قد تعرضت لمتغيرات طبوغرافية كثيرة 1

2 ا ثرت بدورها على المناخ والتربة خاصة وقد تم العثور على جثث لا فراس البحر في هضبة انيدي يرجع تاريخها ا لى العصور الحجرية ويمكن تقسيم هذه المرتفعات ا لى ثلاث مجموعات جبلية ا موعة الا ولى تقع جنوب شرق جبل حلة. وتتجه غربا نحو كتم وتمتد شمالا حتى جبال التقابو ا ما ا موعة الثالثة فهي عبارة عن مجموعات الواقعة بالقرب من الحدود الشمالية الغربية الممتدة ا لى تشاد وا فريقيا الوسطى وتنحدر من هذه ا موعات مجاري الوديان التي تسير متعرجة في اتجاهات مختلفة وفقا لطبيعة الا راضي التي تشقها. ا ما من ناحية التربة فتتكون من معظم ا راضي دارفور من الكثبان الرملية عدا الا جزاء الواقعة في جبل مرة في الجنوب والغرب وجبل ميدوب في الشمال والشرق. مما سبق ذكره نلخص ا لى ا ن هناك بعض السمات الخاصة التي تتميز ا منطقة دارفور سواء من ناحية جغرافية ا و طبوغرافية تتمثل في ككبر مساحتها واتساع حدودها المتصلة بعدد من الدول ا اورة مثل تشاد وليبيا وا فريقيا الوسطى هذا بالا ضافة ا لى قر ا من جنوب السودان وتمتعها بظروف مناخية وطبيعة ا رضية متباينة من منطقة لا خرى. الا مر الذي ا تاح لسكا ا تمكنهم من ممارسة نشاطات اقتصادية متنوعة هذا بالا ضافة ا لى سهولة الاتصال بالدول ا اورة لها وخلق علاقات مميزة مع سكا ا من ناحية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية غير ا ن بعد دارفور من مراكز وسط السودان وصعوبة الوصول ا ليها قد ساهم في عزلها نسبيا من بقية الجزاء الشمالية كما ا ن وعورة بعض ا جزاي ها مثل جبل مرة قد حد من فرص احتكاك سكا ا بالمناطق الا خرى. الترآيبة السكانية : يسكن دارفور خليط من الا جناس وا موعات الا ثنية بعضها محلية وبعضها وافد عبر فترات تاريخية مختلفة فقد دفعها ا لى الهجرة عوامل عدة حيث تداخلت مع بعضها وتصاهرت حتى شكلت النسيج الحالي لسكان المنطقة. ويمكن تقسيمها ا لى مجموعتين ري يستين هما العربية وغير العربية. وتشمل ا موعات غير العربية العناصر الزنجية سواء المحلية ا و تلك التي دخلت عليها وتمازجت معها من جنوب السودان والدول الا فريقية ا اورة هذا بالا ضافة ا لى العناصر الحامية التي تعرف (بالتبو) والتي هاجرت ا لى دارفور من جهة الشمال ا تت من ليبيا وبلاد النوبة في الشرق. ا ما ا وعة العربية فقد دخلت المنطقة عبر طريقي وادي النيل والسودان الغربي خلال الا ربعماي ة سنة الا خيرة (4) وقد لعب التداخل العرقي بين هاتين ا موعتين دورا كبيرا في التكوين الاثنوغرافي تمع دارفور المتمثل في هاتين ا موعتين في وجود بعض السمات المشتركة بين سكا ا كالتركيبة الجسمانية بخصاي صها الفيزياي ية المتعلقة بالقوام والجمجمة والملامح والتقاطيع العامة ولون البشرة وشعر الرا س الا مر الذي نتج عنه تطابق الكثير من العادات والتقاليد والمعايير 2

3 3 الا خلاقية والقيم الجمالية والسلوكية المعاشة في المنطقة. وبحكم ا ن ا تمع ما زال في طور التكوين فا ن عملية التمازج العرقي والثقافي ما تزال مستمرة ا يضا. ويلاحظ وجود بعض الفوارق النسبية في بعض السمات بين سكان ا ي منطقة وا خرى ويعزى ذلك لاختلاف النظم الحياتية الناتجة عن تباين ظروفهم المناخية ونشاطا م الاقتصادية ا ذ ا ن حجم التداخل العرقي بينهم يكون ا كثر اتساعا داخل مجموعة القطاع الا نتاجي المعين منه في خارجها. ونجم عن ذلك ا ن لكل مجموعة قطاع ا نتاجي رعوي متنقل ا لى ا خر زراعي مستقر ا و العكس ا ضافة ا لى عامل التداخل العرقي بين العناصر واتساع داي رته بينهما وقد ساعدت جميعها على انتقال الموروثات الثقافية من مجموعة ا لى ا خرى ومن منطقة ا لى منطقة الا مر الذي ساهم في خلق ا شكال مختلفة من سنن التداخل الثقافي والترابط الاجتماعي التي انتظمت حياة ا تمع. وقد ا صبح من الصعوبة بمكان تصنيف ا موعات العرقية التي تقطن دارفور حالية من جراء التمازج بينهما ا ضافة على ا ن دارفور ظلت مجهولة من قبل الا نثولوجيين حتى القرن الثامن عشر الميلادي تقريبا. فبعد دخول الا سلام وانتشاره وتغلغل الثقافة بالا سلامية العربية بدا غالبية السكان الحاليين يزعمون با م ينتمون ا لى الا صول العربية وانتشرت وسطهم العديد من السير الشعبية ليكدوا من خلالها زعمهم با م ينحدرون اصلا من العرب. ففي ا طار ما ا سماه سيد حامد حريز ا سطورة الغريب الحكيم (5) المتواترة لدى كثير من سكان دارفور تطالعنا شخصية ا حمد المعقور في السيرة الهلالية المنتشرة وسط التنجر والبرقد والفور وغيرهم والتي يزعمون من خلالها اتصال نسبهم بالعرب الجهينة كما نجد بعضهم يرجع با صله ا لى قريش كالمسلات بجنوب دارفور ا و الحميريين كالبرنو مثلا وغير ذلك من المزاعم المنتشرة لدى غالبية الا هالي (6) وبالرغم من سيادة الثقافة بالا سلامية والعربية في دارفور نلاحظ وجود العنصر الزنجي واضحا في ملامح سكا ا وسحنتهم وخير مثال لذلك مجموعة العرب البقارة في جنوب دارفور الذين هم نتاج للتزاوج بين العرب والسكان المحليين بدءا من تشاد ووصولا ا لى دارفور فقد غلب السواد لو م رغم احتفاظهم باللسان العربي (7) النشاط الاقتصادي تمتاز دارفور من ناحية جغرافية بمناخ مقوماته الا نتاجية التي مكنت سكا ا من ممارسة ا نماط مختلفة من النشاطات الاقتصادية ذات الطابع التقليدي الذي يشمل قطاعي الرعي والزراعة وما يتعلق ما من نشاطات ا خرى (8) ويمكن حصر هذه النشاطات على النحو التالي: /1 الصيد : يعتبر صيد الحيوانات البرية ا حد النشاطات الجانبية الداعمة لاقتصاد الا سرة ويمارسه بعض الناس في دارفور ا ما بصورة فردية ا و في شكل جماعات للاستفادة من لحوم الحيوانات وجلودها ا و ا ي منافع ا خرى تفيد الا كل ا و التسويق وتوجد جماعات صيدية متخصصة تقوم برحلات موسمية من وقت لا خر لصيد الفيل والحيوانات الا خرى كالزراف والبقا والحلوف والغزلان با نواعها والنمر والصلة والورل والا سماك. كما توجد مجموعات متخصصة في جمع عسل النحل. ويتم الا عداد لرحلة الصيد في زمن مبكر. وقد اشتهر العرب البقارة بصيد الفيل للاستفادة من ا سنانه ن ويعد اصطياده نوع من الفروسية لذلك فا نه يشكل جزا هاما من موروثا م الشعبية. وتدور حوله الكثير من العادات والتقاليد. وهناك من القوانين التي تمنع صيد الحيوانات الوحشية تقع تحت حماية حرس الصيد والجهات الرسمية المسي ولة عن رقابة الحياة البرية. المر الذي حد من هذا النشاط خاصة وقد بدا ت بعض الحيوانات اجر من مناطقها تجاه الدول الا فريقية ا اورة مما جعل مزاولة هذا النشاط عرضة

4 للمخاطرة والصعاب الناتجة عن ذلك مخالفة للقانون والتوغل في المناطق الوعرة. وكثيرا ما تقع بعض المعارك بين الصيادين وقوات حرس الصيد وقد تتم المواجهة بالا سلحة النارية وتجري المحاكمات الرادعة لمن يتم القبض عليهم بسبب ممارسة الصيد بون تصريح من السلطات المختصة (9). 2/ جمع المنتجات الغابية : هناك العديد من النشاطات الا نتاجية التي تمارس داخل الغابات وتعتبر كذلك جزءا من النشاطات الداعمة لاقتصاد الا سرة وتقوم مصلحة الغابات بمراقبة هذه النشاطات التي لا يسمح بمزاولة بعض منها ا لا بتصديق من قبلها وفرض رسوم معينة عند السماح ا وذلك حفاظا على القطاع النباتي وحماية التربة من عوامل التصحر وعدم ا هدار الثروة الغابية التي تمثل ا حدى دعاي م الاقتصاد القومي وقد استفاد سكان دارفور كثيرا من كثافة الغطاء النباتي في الحصول على بعض المنافع المتمثلة في جني الثمار البرية وتوفير الوقود البلدي وجلب مواد البناء والمواد الخام المستخدمة في الصناعات الشعبية وغيرها وهناك بض النباتات التي يستفاد منها في العلاج البلدي وصناعة الا طعمة هذا بالا ضافة ا لى استخدام المناشير الثقيلة التابعة لمصلحة الغابات لتوفير الكتل والمروق الخشبية وا خشاب النجارة والتي قامت عليها الكثير من مراكز التصنيع وبيع الا ثاث والمنتجات الخشبية (10) وهناك بعض الا شجار التي يمنع قطعها تماما كالهشاب مثلا والذي يجنى منه الصمغ العربي. كما ا ن بعضها لا يسمح بقطعه ا لا بالتصديق من مصلحة الغابات وذلك لندر ا وجودة ا خشا ا وصعوبة زراعة ا جيال جديدة منها كالقمبيل والجوفان وما يعرف محليا بصندل الردوم الذي تفوح منه راي حة الصندل ويقوم بعض الناس بجمع الصمغ العربي. وتعد دارفور عموما من المناطق المنتجة له كمحصول نقدي هام يمثل ا حد الصادرات القومية ويعتمد بعض الناس في جنيه على خبر م التقليدية بالا ضافة ا لى بعض الا رشادات التي تقدم ا ليهم من بعض الخبراء والمختصين وتخضع الا راضي التي يوجد ا الهشاب للملكية الخاصة مثل الا راضي الزراعية ويزداد اهتمام الناس بجمعه كلما ارتفعت ا سعاره المحلية المرتبطة بالبورصة العالمية (11) /3 الرعي : يعد الرعي من النشاطات الانتاجية الري يسية في قاعدة النشاط الاقتصادي والذي يمارس بكثافة في دارفور التي تعد من ا كبر المناطق انتاجا للثروة الحيوانية وقد ساهم في ذلك جودة مراعيها وارتباط جزء كبير من سكا ا بالقطاع الرعوي بصورته التقليدية والاعتماد على تربية الماشية في حيا م. وينقسم الرعاة ا لى مجموعتين. ا موعة الا ولى تتكون من رعاة الابل ويطلق عليهم الا بالة ويتمركزون في الجزء الشمالي من دارفور حيث يسود الجو شبه الصحراوي لذلك نجدهم يعانون كثيرا من شح المياه وقلة مصادرها غير ا ن الا بل بطبيعة حالها تتحمل العطش لفترات طويلة وفي فترة الجفاف يتحركون بقطعا م نحو الواحات حيث يتوفر الماء ونبات الجزو وهو نوع من الا عشاب المخضرة التي تنمو في الشتاء وترعاها الا بل. ويتجه بعضهم شمالا وشرقا حتى يصلوا كردفان ويتحرك بعضهم غربا نحو سهول جبل مرة وبعض ا خر يسير جنوبا حتى يصل مشارف بحر العرب (12) 4

5 5 ا ما ا موعة الثانية فهم رعاة البقر الذين يطلق عليهم البقارة وهو لاء يعيش ا غلبهم في جنوب دارفور ويترحون بماشيتهم في فصل الجفاف نحو الجنوب طلبا للمراعي حول بحر العرب ا ما في فترة الخريف فيتجهون شمالا بقطعا م هربا من الحشرات الضارة مثل ذبابة التسي تسي وهناك بعض المشاكل التي تقع بين الرعاة والمزارعين نسبة لتداخل نشاطا م ا و تعارضها في المنطقة. والبقارة بصورة عامة يحتقرون العمل في الزراعة ويعتزون برعيهم للماشية ويرددون قولهم: الرحيل عز العرب وكذلك: المسار (الترحال) عز العطايا" نسبهم لجدهم عطية بن عبد االله الجهيني غير ا ن هناك بعض العوامل التي دفعت بعضهم نحو الاستقرار والعمل في الزراعة في السنوات الا خيرة منها ا م ا دركوا فاي د ا بعد ا ن تغيرت نظر م ا ليها كما ا م بدءوا يهتمون بتعليم ا بناي هم الذين ساهموا بدورهم في دفعهم نحو الاستقرار هذا بالا ضافة ا لى عوامل الجفاف والتصحر و الحروب الا هلية التي اجتاحت دارفور مو خرا ا و التي دفعت للتروح نحو المدن والمراكز الكبيرة بعد ا ن فقدوا ثرو م الري يسية وهي الماشية (14) والبقارة كرعاة يعيشون حيات متنقلة ويتجولون بماشيتهم من مكان ا لى مكان لذلك نجد ا ن موروثهم الثقافي للمجموعات الا خرى خاصة الزراعة ولكن بحكم تداخل النشاطين الرعوي والزراعي في المنطقة فقد ا صبح بالضرورة وجود شكل من ا شكال التا ثير والتا ثر بينهم قد شجعت ذلك عوامل التمازج والتداخل العرفي بينهم /4 الزراعة : يعتمد غالبية سكان دارفور على الزراعة المطرية وبالرغم من ا ا تتم بصورة تقليدية ا لا ا ا تعتبر من ا هم النشاطات الاقتصادية التي تمارس في المنطقة وتزرع بعض المحاصيل الزراعية كالدخن والذرة والفول السوداني والسمسم بالا ضافة ا لى بعض المحاصيل النقدية المختلفة كالتبغ با نواعه المختلفة وحب البطيخ والكركدي والفاكهة. وقد ساعد على ذلك تعدد المناخات واختلاف ا نواع التربة وكثرة الوديان والخيران ومرتفعات جبل مرة والسهول الواسعة الواقعة على سفوح الجبال ا ما في جبل مرة فتوجد زراعة التروس (14) وتنقسم الزراعة من حيث المساحات المزروعة ونوعية المحاصيل ا لى نوعين النوع الا ول هو ما يعرف بمزرعة الا سرة ويشترك في ا داء العمليات الزراعية فيها جميع ا فراد العاي لة ويتولى ا دار ا رب الا سرة. ويعتبر حصاد المخزون الاستراتيجي لاقتصاد الا سرة من ناحية غذاي ية تسويقية. (15) ا ما النوع الثاني فهو ما يعرف بالجبراكة. وهي مزرعة صغيرة تكون بالقرب من المترل. وهي خاصة بربة الا سرة وتديرها بنفسها وتعمل فيها لوحدها وتزرع فيها بعض المحاصيل سريعة النضج والحصاد كالبامية والتبش (نوع من الخضار) واللوبيا وقصب العنكوليب (نوع من الذرة ينضج في حوالي شهر ونصف) وغيرها من الحاصلات سريعة العاي د للاستهلاك ومقابلة ظروف الا سرة وحاجتها الغذاي ية قبل موسم الحصاد وقد دد القطاع الزراعي بعض الا فات الضارة كالطير والجراد والفي ران والديدان وغيرها من الكاي نات الحية. وقد تفقد التربة خصوبتها نتيجة لسوء الاستغلال ا و ظهور بعض النباتات الطفيلية وقد يتعرض المحصول الزراعي بسبب الصبنة (شح الا مطار وا نعدامها فجا ة). وبجانب اعتماد المزارعين على روث الحيوانات في تسميد الا رض تقوم وزارة الزراعة وبمساعدة بع الهيي ات والمنظمات العاملة في مجال وقاية وتحسين الا نتاج الزراعي على بذل مجهودات كبيرة للتصدي لمثل هذه الظروف في حينها وتقديم الا رشادات المناسبة للمزارعين للتقليل من ا و تفادي الا ضرار الناجمة عنها

6 6 بالتالي فا ن حياة المزارعين في دارفور تتمركز حول الا نتاج الزراعي وتكون عرضة للمجاعة في حالة فشله. وقد تعرضت دارفور عموما لازمات متتالية نتيجة لتدهور الا نتاج الزراعي الذي يمثل عصب الحياة بالنسبة للمواطنين وتدور حوله موروثا م التي تعبر عن قيم وعادات وتقاليد ا تمع الزراعي. 5/ النشاط التجاري : من المعروف تاريخيا ا ن البدايات الا ولى للنشاط التجاري ظهرت في صورة مقايطة للسلع الاستهلاكية ا و وضعها مقابل الا سلحة البداي ية ا و الا دوات الزراعية البسيطة عليه من المحتمل ا ن يكون قد بدا النشاط التجاري في دارفور بنفس الصورة في الفترة التاريخية الممتدة من القرن الثاني عشر الميلادي وحتى القرن الرابع عشر الميلادي. وذلك لانعدام وجود ا ي ا ثر واضح لاستخدام العملة النقدية في ذلك الزمن المبكر من تاريخ دارفور وبما ا ن سلطنة الداجو نفسها مازال يكتنفها الغموض ن ا صبح من الصعب معرفة الكيفية التي كان ا هلها يديرون ا دولتهم ولا حتى حجم وطبيعة نشاطهم التجاري (16) ا ما عندما جاء التنجر من بعدهم في القرن الرابع الميلادي وظلوا في دارفور حتى القرن السادس عشر الميلادي فقد اعتمدوا على النشاط التجاري بسط نفوذهم في كل من وادي كانم ودارفور ومنذ ذلك عرفت دارفور بنشاطها التجاري الواسع وكانت التجارة تمثل عصب النشاط الاقتصادي والعمود الفقري لسياسة السلطنة على المستويين الداخلي والخارجي (17) ا ي ا ن النشاط التجاري قد تطور في اتجاهين ري يسين. الاتجاه الا ول وكان يشمل التجارة الداخلية. وذلك في اعتمادها بصورة ا ساسية على تصدير الرقيق وسن الفيل وريش النعام واستبدالها بالسلع ذات الطابع الرفاهي لا شباع رغبات رجال السلطة الذين يستخدمو ا كنوع من الكماليات لتمييز ا نفسهم عن العامة وتقديمها كعطايا لمعاونيهم في البلاط. وبمرور الزمن صار لكل سلعة مقابلها من السلع الا خرى المتبادلة مع العالم الخارجي. وتطورت التجارة بشقيها الداخلي والخارجي واتخذت طابعا اقتصاديا وسياسيا محددا خاصة بعد ا ن ا دت ا لى ربط دارفور بالنوبة المسيحية من الشرق وشاد من جهة الغرب كما كانت القوافل التجارية تسافر ا لى دارفور ا نذاك ا تباعا من مصر بغية الحصول على الرقيق وريش النعام وسن الفيل والخيول والصمغ( 18 ) ا ما فترة مملكة الفور ( م) فقد نشطت التجارة الخارجية بصفة داي مة وانتظمت القوافل جيي ة وذهابا من وا لى دارفور محملة بالسلع والبضاي ع التجارية خاصة عندما اعتلى سليمان سولونق عرش المملكة وبدا يسعى نحو توسيع حدودها من ا جل تكثيف نشاط تجارة الرقيق للحصول على السلاح من مصر وجلب الخيول والدروع من دنقلا وغير ذلك من السلع الاستهلاكية. وقد ساهمت المناطق ا اورة لدارفور من الناحية الجنوبية في نموها وتقدمها وذلك عن طريق مدها بالرقيق للاستفادة من بعضهم في الا عمال العسكرية والزراعية وتصدير البعض الا خر( 19 ) وقد كانت هناك ثلاث طرق ري يسية للتجارة يبدا ا ولها من غرب بلاد السودان القديمة ويمر عبر بوابة برنو ووادي حتى يصل ا لى دارفور ويتجه منها شرقا ا لى الفونج ويغادرها عبر البحر الا حمر وصولا لبلاد الحجاز. ا ما الطريق الثالث يبدا من دارفور ويسير نجو الشمال الغربي وصولا لطرابلس من عبر فزان ا لى تونس وقد كانت لكل طريق ا هميته ومركزه وا وجه اختلافه عن البقية.فالطريق الا ول كان مهما من ناحية ثقافية بينما درب الا ربعين مهما من وجهة نظر اقتصادية ا ما ا ما الطريق الثالث فيرتبط ا هميته بالطريقين الا ول والثاني من ناحية سياسية واقتصادية (20)

7 7 ولما كانت حركة التجارة الخارجية محتكرة للسلطان فقد كان يوفر لها الا م ويتحمل ا عباء تكاليفها الا ولية وبالتالي فقد كانت للتجارة ا ثر مباشر في تغيير طابع السلطة في دارفور سواء من ناحية قبلية ا و دينية المر الذي ا دى ا لى الاعتقاد با ن سلطنة دارفور ما هي ا لا نتاج للتجارة الخارجية (21) وتعتبر كوبي ا هم مركز تجاري في دارفور ا سسه التجار الجعليون. وقد لعبت دورا كبيرا في الا نعاش الاقتصادي الداخلي للسلطنة وا حدثت تغييرا كبيرا في التركيبة السكانية من خلال النشاط التجاري الذي كان يدور عبرها. كما طورت من نظام الحكم وقوت من سلطة السلاطين الذين استطاعوا ا ن يوفروا من الحركة التجارية الجنود والسلاح. ا ضافة على ا ا ا سهمت في تسهيل مهمة الحركة بالنسبة لرجال الدين خاصة الفلاتا الذين لعبوا دورا كبيرا في نشر الا سلام والثقافة العربية في دارفور.كما ا ا جعلت دارفور معروفة لدى الممالك الا خرى ( م) كانت القوافل التجارية تتجه من كوبي ا لى تونس وطرابلس.وازداد ارتباط دارفور بالتجارة العالمية وتضاعفت فواي دها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وا صبحت قبلة لاستقرار التجار ورجال الدين القادمين من سنار ومصر والمغرب وحوض بحيرة تشاد. وصارت ملتقى للطرق الا فريقية ومعبرا لا فواج الحجاج من الممالك بالا سلامية في غر ب ا فريقيا. وقد ارتبطت دارفور بالممالك الا خرى ومصر ودول ا سيا وا وروبا خاصة في عهد السلطان عبد الرحمن الرشيد ( م) (22) لقد استمرت الجارة بشقيها الداخلي والخارجي تسير على ج التبادل السلعي وازدهرت تجارة الرقيق حيث لم ير فيها الا هالي ا ية منافاة للدين وكان بعضهم يستفيد منها في الخدمة والزراعة والبعض الا خر ظل يتعامل معها كسلعة تجارية خاصة بالسلاطين. وتبعا لذلك ازدهرت ا ماكن متعددة لتجارة الرقيق منها كوبي والفاشر وكريو (كتال) ومنواشي ودارا وغيرها من المراكز في دارفور التي كانت مستودعا للرقيق.(23) وعندما غزا الاستعمار التركي السودان عام 1821 م في عهد السلطان محمد الفضل ابن السلطان عبد الرحمن الرشيد لم يكن محمد على باشا يتوق ا لى مد الا دارة المصرية ا لى دارفور م الم تستقر الا حوال في سنار وكردفان وتتحسن الا وضاع الاقتصادية بصورة تيسر ا مر الاستغناء عن بعض القوات وتوجيهها لغزو دارفور وتا مين الصرف عليها. كما ا ن السلطان محمد الفضل كان يدرك نوايا المصريين خاصة بعد ا ن استولوا على كردفان ا لى سواكن لتعبر البحر الا حمر ا لى الحجاز. وكان يتم تبادل الهدايا بموافقة القاهرة بين محمد الفضل ومدير كردفان مع التشديد على عدم تسرب الا سلحة من مصر ا لى دارفور. وظلت سلطنة دارفور مستقلة رغم ا ن الفرمانات التي ا صدرها محمد علي باشا ا دخلتها ضمن ا ملاك مصر واستمرت على حالها تلك حتى عهد السلطان ا براهيم محمد حسين ( م) حيث ضمت بعد مقتله على يد الزبير باشا رحمه في معركة منواشي عام 1875 م وعين حسين بك حلمي مديرا لها (24) وفي عهد الا دارة التركية ضت الحركة التجارية في السودان عامة نتيجة لاستتباب الا من وخضوع المناطق كلها لحكومة واحدة ا ضافة لا لغاء نظام تعدد الا تاوات. وافتتاح ا سواق خارجية لم تكن متيسرة من قبل وبدا ت تنشط التجارة بين السودان وا وروبا وزاد استخدام النقود بعد تنظيم التجارة الداخلية وبدا ت تنتشر العملة المصرية الفضية والجنيه المصري خاصة في المدن الكبرى.كما مهدت الطرق البرية ووضعت تحت رقابة شيوخ القباي ل لحمايتها وتا مينها وفتحت الطرق النهرية والبحرية وتم التفكير في مد خطوط السكة حديد والتلغراف وتعميم مكاتب البريد في جميع ا نحاء السودان.ذلك دف استثمار الموارد المحلية بما يحقق رغبة المستعمر ويعود ببعض الفاي دة والربح على المواطنين (25)

8 8 وكانت تمارس في دارفور الرقيق بصورة واسعة خاصة مع مصر وقد كانت تمثل المورد الاقتصادي الري يس في صادرا ا وعلى ضوء قرار فينا عام 1815 م القاضي با بطال تجارة الرقيق باعتباره عملا فيه امتهان لكرامة الا نسانية ومنافاة لكل مبادي الا خلاق والعدالة بدا ت الدول الكبرى وعلى را سها بريطانيا تمارس ضغوطها على محمد علي باشا وحثه على القضاء عليها فجاءت سياسة ا لغاء تجارة الرقيق بالقوة الا مر الذي ا ثر على اقتصاد دارفور لفقدا ا ا هم مواردها وهو عاي د تجارة الرقيق فاستعاضت عنه بالسلع الا خرى خاصة في ا ال الخارجي كريش النعام وسن الفيل والخيول والعسل والجلود وغيرها. وتركز النشاط التجاري في مجال التبادل السلعي واستمر هذا الوضع ا لى ا ن تحقق استقلال السودان عام 1956 م وتعاقبت عليه الحكومات الوطنية العسكرية منها والحزبية وحلت العملة الوطنية محل العملة الا جنبية واتسعت داي رة النشاط التجاري وشملت تجارة المحاصيل والصمغ العري والماشية (26) وهناك بعض العوامل التي ساهمت في تطور الحركة التجارية في دارفور بصورة عامة منها نقل التجار الشماليين الذين يطلق عليهم محليا (الجلابة) لنشاطهم التجاري ا لى دارفور. وقد اتسمت حركتهم بسمتين ا ساسيتين تتمثل الا ولى في نزوح بعضهم واستقرارهم في دارفور حيث جلبوا معهم خبرا م في مجال العمل التجاري مباشرة ا ليها واستفادوا كثيرا من ضعف خبرة مواطنيها في هذا الجانب. ا ما الثانية فهي اختيار بعضهم لوكلاء محليين في دارفور ومدهم برو وس ا موال تمكنهم من شراء المحاصيل والماشية وا رسالها لهم للبيع في الا سواق الكبيرة كالا بيض وكوستي وا مدرمان مثلا. هذا بجانب ا همية الدور الذي لعبه الوكلاء التجاريون في تبادل المعلومات حول نوعية السلع التي تستجيب للطلب المحلي في دارفور وتلك التي يمكن ا ن تحقق ربحا ا ذا ا رسلت منها ا لى الا سواق الخارجية. ويرجع الفضل لهم ا يضا في نقل البضاي ع من وا لى دارفور كما يرجع لهم الفضل في قيام الا سواق الثابتة في المدن الكبيرة والا سبوعية في القرى الناي ية هذا بالا ضافة ا لى تشييد المصانع والورش الصناعية وا دخال نظام تجارة الجملة والقطاعي. وبالتالي فقد ساهموا بدورهم في ا نعاش الحياة الحضرية والمدنية في دارفور. ومن العوامل الهامة ا يضا ربط دارفور بخط السكة حديد الذي وصل ا لى نيالا عام 1960 م ببقية ا قاليم السودان. هذا بالا ضافة ا لى خطوط الهاتف والطيران في المدن الكبيرة وا نشاء مكاتب البريد والبرق ومحطات الا قمار الصناعية وقيام بعض مشاريع الزراعة الا لية مثل مشروع جبل مره وهيي ة تنمية غرب السافنا التي ضمت مخرا لوزارة الزراعة الا قليمية في العام 1977 م ا ضافة ا لى مراكز الا بحاث الزراعية وتحسين النسل للماشية والخيول. ومن العوامل المرتبطة بالحركة التجارية التي ساهمت في تطورها والارتقاء با ساليبها التقليدية وتحديثها هي ا نشاء البنوك والمصارف والشركات والطرق التجارية وقيام اتحادات الرعاة والمزارعين ودخول بعض العناصر المحلية من السكان في العمل التجاري وظهورهم كمنافسين للتجار الوافدين (الجلابة) هذا بالا ضافة ا لى اتساع داي رة القوة الشراي ية والا علام التجاري وقد استفادت دارفور من موقعها الجغرافي في تنشيط تجارة الحدود مع الدول ا اورة. عليه تعتبر التجارة من العوامل الري يسية التي لعبت دورا كبيرا في التطور الحضاري الذي شمل جميع ا وجه الحياة في دارفور المتمثل في انتقالها من نظام حكم عشاي ري شبه ا قطاعي ا لى كو ا تعد جزءا هاما من دولة حديثة تخضع لحكومة مركزية. كما يرجع الفضل للتجار الجلابة في نمو وتطور النشاط التجاري وازدهاره في دارفور حتى صار ا هم المرتكزات الا ساسية التي يقوم عليها اقتصادها هذا بالا ضافة ا لى العوامل التي تتعلق بالنظم الا دارية التي ساهمت في دعم وتنظيم وتطور النشاط التجاري بدءا بالسلطنات مرورا بالاستعمار وانتهاء بالحكومات الوطنية.

9 9 التكوين الاجتماعي : يقوم البناء التقليدي تمع دارفور على ا ساس هرمي قاعدته الا سرة وقمته زعيم ا موعة العرقية المعينة وا ي مجموعة عرقية تمثل كيانا اجتماعيا قاي ما بذاته يعرف محليا بالقبيلة وتكون مجموعة تلك القباي ل الوجود السكاني بدارفور وكانت لكل قبيلة منطقة مخصصة تعرف باسمها يطلق عليها الدار. وكانت دارفور تخضع قديما لنظام حكم السلطنات وكانت البلاد كله تعد ملكا له ويقوم بمنحه للمواطنين لتقنين ملكيتها وتكون حكرا لصاحبها ويطلق عليها حواكير ومفردها حاكورة وتتكون منها دار ا موعة العرقية يعد بعد ا ن صارت ملكا لا فرادها وا سرهم وتكون مجموعة هذا التيار ما يعرف الا ن بدارفور الكبرى نسبة لخضوعها لسيطرة مجموعة الفور الذين ا قاموا فيها ا خر سلطنة والتي كانت من ا قوى السلطنات والممالك التي مرت عليها (27) وقد ارتبط البناء الاجتماعي في دارفور في تكوينه بنظام ملكية الا رض لكونه يمثل القاعدة الا ساسية والمحور الري يسي الذي تبلورت حوله مجموعة من النظم الا دارية والسياسية التي تشكل المرتكزات الا ساسية للهيكل البناي ي العام تمع دارفور. وهي بدورها ظلت تتحكم في تطوره على ضوء المتغيرات التاريخية التي شهد ا دارفور لا سيما في نظام الحكم. فنوعية نظام ملكية الا رض وشكل استغلالها سواء كانت بصورة فردية ا و جماعية يعد من ا هم العوامل التي تحدد شكل الصلات وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تنشا من خلالها تداخل التكوينات الاجتماعية والسياسية والا دارية بصورة تجعلها متكاملة مع بعضها البعض بحيث يصعب الحديث عن ا ي منها بمعزل عن الا خرى فالاتجاه الا ول يتخذ طابع الملكية الا سرية خاصة لدى ا موعات المستقرة بينما يكون الاتجاه الثاني من صور ملكية جماعية كما هو لدى ا موعات الرعوية. ا ما الاتجاه يتعلق بالغابات فيا خذ شكل الملكية العشاي رية ويخضع لسلطنة زعيم ا موعة المنتفعة مباشرة منها. ومن ذلك يتضح جليا نوع الارتباط بين ملكية الا رض وبناء التكوينات الاجتماعية والا دارية والسياسية المتعلقة به ا ما الطرف الثاني فهو ا ن العلاقات الا نسانية تو ثر بدورها على علاقات الا رض والمهم في كلا الطرفين هو الا نسان. ا ذ ا نه هو يملك حق تنظيم نفسه وهو الذي يقع في ذات الوقت تحت تا ثير الظروف المحيطة به فمن خلال العلاقات التي تنشا من ملكية الا رض هناك بعض المنافع التي تعود على المزارع من جهة وللدولة ممثلة في سلطا ا من جهة ا خرى ذل باعتبار ا ن الا رض ا داة من ا دوات السلطان في العمل السياسي والا داري ويعتبر قوة اجتماعية بمفهوم الوجاهة والنفوذ والثراء (28) وقد بدا تمليك الا راضي في دارفور عندما شرع سلاطين الفور في منحها بمكاتبات رسمية مختومة با ختامهم للا شخاص الذين كانت تربطهم بعض المصالح الخاصة المتعلقة بالسلطنة والتي كانت تتكون من بعض الصفوة الذين صعدوا ا لى عرشها من منحدرات عدة واعتمد السلاطين في فرض قو م وبسط سيطر م بصورة على بلاط السلطنة المكون من ا ولي ك الصفوة وا سرهم وعلى من يتم اختيارهم من المقربين وشاغلي المناصب الا دارية والمستشارين ورجال الدين وا تباعهم من ا صحاب الجاه وزعماء العشاي ر. وكانوا يعتمدون عليهم في مواجه ا وجه الصرف على بلاط السلطنة. عليه فقد لجا السلاطين في ا سلوب منح الا راضي وتمليكها لتوطين القادمين الجدد ا لى السلطنة خاصة رجال الدين والتجار. ويعتبر بن سليمان سولنق ( م) ا ول سلطان شرع في منح الحواكير بمكاتبات رسمية. وفي هذا الصدد ا شار اوفاهي ا لى حقيقة هامة كان يستنبطها نظام الدولة في دارفور وهو ا ن المواطنين كانوا ا قيم من الا رض رقم ا هميتها

10 10 بالنسبة ا لى السلاطين باعتبارهم هم الجهة الوحيدة التي تحدد من يستفيد منها ووفقا للقرارات هم عبر المكاتبات التي تقضي بمنحها بلغة ما خوذة من لغة الشرع الا سلامي المستقاة من مجتمع كان يعتمد على نظام الزراعة المروية في الشرع الا وسط مقارنة بنظام الدولة التي تطور في دارفور والذي يعتمد على نوعية علاقة الا نسان بالا رض ا و ا تمع ا كثر من كونه نظاما مستقلا وذلك لا ن النظام الزراعي الساي د في دارفور نظام مطري يعتد على ا راضي زراعية متفرقة غير متمركزة في منطقة بعينها ويقوم على الملكية الجماعية والعمل الجماعي فيما يعرف بالحواكير خاصة في سلطنة الفور ( ) 1898) 1916 م) (29) ويمكن تصنيف الحواكير من ناحية ا دارية ونفعية ا لى نوعين النوع الا ول يشمل تلك التي تمنح كحق ا داري لحملة الا لقاب والمقربين الذين بتم عبرهم فرض السلطة على البلاد والجدير بالذكر هو ا ن البلاد قد قسمت ا نذاك على ا ربع نواح كانت تعرف بالديار والتي ا خضعت كل منها لا شراف وال يديرها غدارة كاملة نيابة عن السلطان بمساعدة زعماء العشاي ر المالكين للحواكير التي تقع تحت داي رة اختصاصهم وكانت الدار عبارة عن ا قطاعية تمنح للوالي للاستفادة منها بدلا من المرتب. ويسلم عاي دها في صورة جزي ية ليشتري منها السلاح والجياد وملابس الجنود ا و في صورة زكاة ا و فطرة تسلم للسلطان مباشرة وقد يكون للوالي نصيب منها. هذا بالنسبة لعاي د ا نتاج الا رض الزراعية ا ما بالنسبة للبادية فتجمع الحقوق الشرعية للزكاة والعرفية كحقوق السلطان فيتم تسليمها كاملة للسلطان غير ا نه في حالة جنوح ا حد زعماء العشاي ر ا لى عدم الا يفاء بحقه ا و عصيانه يوقع عليه عقوبة قد تصل حد التجريد من منصبه وما درة ا مواله ا و ا موال عشيرته. والنوع الثاني يعرف بحاكورة الجاه وهي تمنح لتوطين الا شخاص القادمين ا لى السلطة. ويذهب جزء من ا نتاجها لبيت السلطان وتشمل الحواكير الممنوحة لرجال الدين والتجار وا فراد الا سرة المالكة. وتعفى من الجزية والضراي ب وقد يمنح حملة الا لقاب حواكير واسعة مقارنة ببقية ا فراد الطبقة الحاكمة وتجد الا شارة ا لى وجود نظم معينة للحكم تحكم العلاقة بين المالكين للا رض والمنتفعين وهم ا ولي ك الذين يعيشون كرعايا تحت ظل سيطر م ومنها ما يعرف بالذمة وهو عبارة عن نظام يقضي با ن تعيش ا ي مجموعة هاجرت من منطقتها تحت ذمة والي المنطقة التي تستقر فيها مثال ذلك مجموعة التنجر الذين نزحوا من حريز ا لى شمال غرب كبكابية واستوطنوا في منطقة تسمى خريبان بزعامة الفكي عبد االله مطلوق وهي تتبع لدار التكناوي يعقوب محمد وبعد خمسين سنة ا رسل سلطان التنجر محمد سلبي عمر مكتوبا للتكناوي يعقوب موضحا فيه ا م ما زالوا يتبعون له ولا يحق لا حد ا ن يتزعمهم ا و يتدخل في شي و م بناء على الوثيقة التي منحها لهم السلطان تيراب ( م) عند رحيلهم من جبل حريز. وهم بذلك يكونون في ذمة التكناوي يعقوب وفي المنطقة الواقعة حول الطويلة جنوب غرب الفاشر. كان هناك قصر لا حد الشيوخ وفي سنة 1800 م كتب الشيخ عبد القادر للحاج ا دم في شوبا الواقعة جوار الفاشر موضحا له با ن القصر المعني ملكه ما دام بناه والده عندما كان مشرفا على تلك المنطقة. وطالب با ن يكون الحاج ا دم وكل المسي ولين من حوله تحت خدمته.ويتضح من ذلك ا نه مهما كان نوعية ملكية الا رض سواء بالاستقرار ا و الحيازة ا و الوراثة لا بد من ا ثبات ا حيتها بمرسوم صادر كتابة من السلطان ولو باسم شخص محدد نيابة عن ا موعة التابعة له. ومن ا كثر ا شكال الامتلاك شيوعا في دارفور هو الحيازة على الا رض عن طريق الوراثة التي تكون بمرسوم من السلطان ومثلما يحق تحويل ملكيتها من شخص لا خر خاصة تلمك تقع تحت سيطرة رجال البلاط يمكن تحويل المواطنين المنتفعين منها لمالكها الجديد. الا مر الذي يبين ا ن النظام الاقتصادي الساي د في

11 11 تلك الفترة كان نظاما شبه اقطاعي ا ن لم يكن كذلك. وخير مثال لذلك ما كان يعر فبحاكورة نعمة التي منحها السلطان محمد الحسين لزواج ابنته الميرم فاطمة ا م ا دريس لرجل اسمه الا مين الحاج ا حمد عيسى والذي وهبها بدوره لزوجته. فا صدر السلطان مرسوما بتاريخ 7 شعبان سنة 1269 ه الموافق 12 مايو 1885 م يقضي بتحويل ملكيتها والمنتفعين منها من عربان الماهرية ا تباع زوجها لها. ويجوز لها حق التصرف فيها والتمتع بجميع منافعها الشرعية والعادية من زكاة فطر ودم وفسق وهامل وغيرها.وا لا يعترضها في عربان الماهرية لخدمتها معترض ولا ينازعها فيهم منازع بل صاروا عربا لها ولذريتها من بعده (30) ذلك هو شكل البناء الاجتماعي الذي كان ساي دا في دارفور على امتداد تاريخ حكم السلطنات خاصة سلطنة الفور ( م) وهو عبارة عن نظام عشاي ري وشبه اقطاعي يمثل نظام ملكية الا رض جوهر علاقاته الا نتاجية التي يمكن على ضوي ها تقسيم ا تمع على في تين ري يستين في ة منتجة وهي ا قل انتفاعا بعد ا نتاجها وتشمل عامة الناس وفي ة غير منتجة وهي المستفيدة من جل عاي د الا نتاج وتتكون من السلطان وحاشيته ومستشاريه ومعاونيه من الولاة وزعماء العشاي ر (31) وظل هذا الوضع ساي دا حتى سقوط سلطنة الفور بعد مقتل السلطان على دينار على يد الا نجليز ومن ثم ضمت دارفور للحكومة المركزية عام 1916 م وتلك هي بداية انتقال الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والا داري في دارفور مما كان عليه للارتباط بنظم الدولة الحديثة. فقد قام الاستعمار بتقسيم السودان ا لى مديريات كانت ضمنها دارفور وعين على را س كل منها مديرا ا داريا يعاونه وكيل ومعاونون وكتبة وقاضي ومجلس استشاري من المواطنين للنظر في المساي ل الا دارية وقسمت المديريات ا لى مراكز وعين لكل مركز مفتشا ا داريا يمارس سلطته بمساعدة زعماء العشاي ر كما عمل الاستعمار على ا شراك العناصر الوطنية في شي ون الحكم والا دارة سواء في الحكومة المركزية في الخرطوم ا و الا دارات المحلية في المديريات من السودانيين وا نشي ت وزارة الحكم المحلي عام 1951 م. ووضعت ا سس جديدة لنظام ضريبي تحددت بمقتضاه في ات الضراي ب ونظم جبايتها وتم تسجيل القرى والمناطق الريفية. وكانت الضراي ب تجمع في صورة عينية من المناطق التي يقل فيها تداول النقود بين الا هالي كالرحل مثلا. وسار القضاء على النهج الا سلامي على قدر معرفة السودانيين به ا ضافة ا لى سن القانون المدني لتنظيم العلاقات بين الناس بمعاون الفقهاء السودانيين في تطبيق الشريعة بالا سلامية (32). وبالرغم من التغيرات الهامة التي ا حدثها المستعمر سواء التركي ا و الا نجليزي المصري في الاقتصاد والا دارة السياسية ا لا ا نه ظل يستفيد من علاقات الا نتاج القديمة وبعد ا ن حل محل السلطة الوطنية في تحقيق ا هدافه التي جاءت من ا جلها وهي ب ثروات البلاد واستغلال مواردها في دعم اقتصاد بلاده. وعندما ا علن استقلال السودان عام 1956 م بدا ت البلاد تشهد بعض المتغيرات في ا الات الاقتصادية والا دارية والسياسية متمثلة في قيام الحكم الوطني بكل مو سساته الديوانية والتشريعية منها والتنفيذية وذلك خلال خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والا دارية والسياسية التي ا قدمت على طرحها وتنفيذها الحكومات الوطنية المتعاقبة على السودان والتي ا خضعت النشاط الاقتصادي على الرقابة الدولة وبدا يمارس وفقا لقوانينها بما في لك ملكية الا رض وا وجه استغلالها وا نشي ت الا جهزة الديوانية لجمع الضراي ب بوساطة موظفيها في المدن وبمساعدة زعماء العشاي ر في الا رياف الناي ية ومع تطور النشاط الاقتصادي عموما تطورت علاقات الا نتاج فبدلا عن كو ا تدور بين المنتجين ورجال السلطنة ا و بينهم الحاكم والمستعمر

12 ا صبحت تتبلور بين المنتج والمستثمر الرا سمالي تحت رقابة الدولة وعلى ضوء المتغيرات التي حدثت في ا ال الاقتصادي فقد انتظمت النظم الاجتماعية الاقتصادية والا دارية والسياسية وبعض التطورات الهامة التي بنيتها الا ساسية والتي يمكن تتبعها من خلال الجداول الا تية والتي توضح شكل التسلسل الهرمي للنظام السياسي الا داري لسلطنة دارفور في الفترة الا ولى من 1640 م وحتى 1874 م. والفترة الثانية 1898 وحتى 1916 م والفور تخضع لنظام الشرتاي والمقاديم والملوك وتتبع ا موعات العربية نظام النظارة والعمد والمشايخ كما هو مبين في الجدول التالي (اشكال هرمية) هذا وقد كان يخاطب السلطان بعبارة (سيدنا االله ينصرك) دون ا ن يذكر ا سمه. كما كان يطلق على الشرتاي لقب (ابو) ويسمى في منطقة غرب زالنجي بجلا مرة (كيسو) (وهو اسم النحاس) المقصود به صاحب النحاس دلالة على العظمة ويسمى بلغة الفور (ا وو) وتجدر الملاحظة هنا ا ن النساء عامة لم يتم تقليدهن ا ي مناصب ا دارية عدا نساء السلطان والا سر الحاكمة اللاي ي كان لهن حق المشاركة في اتخاذ القرارات التي تتصدر من البلاط وفي تنصيب السلطان الجديد وينظر غليهن با جلال وتقدير وحظين باحترام العامة ونلن بعض الا لقاب وهي ما خوذة من لغة الفور حيث يطلق على الا سرة المالكة (تونق كوريكوا) وتسمى ا خت ا و بنت السلطان ميرم( وجمعها (ميارم) ويطلق على زوجة السلطان ا و الشرتاي (ا يي فلانه) وتعتبر الزوجة الا كبر ملكة البلاط ا ما بالنسبة لرجال الدين ففي كل منطقة يتم اختيار ا حدهم ليكون ري يسا للفقرا من ذلك مثلا (الفقيه) عبد الجبار عبد االله الذي كان ري يسا للفقرا (جمع فقير ا ي فكي والمقصود به فقيه وهو الشخص الذي يحفظ القرا ن الكريم ويدرسه ( في منطقة كاس الممتدة من شرق جبل مرة غربا حتى منطقة قارسيلا (33) كما يتم تعليم وتنشي ة ا بناء زعماء العشاي ر وكبار رجال السلطنة تنشي ة جماعية في بيت السلطان ويحفظون القرا ن الكريم وبعض السير والا حاديث النبوية ويتم ختا م في صورة جماعية وسط احتفالات رسمية. ثم يعودون بعد ذلك ا لى مناطق ذويهم ليكونوا ولاة فيما بعد حيث يقوم بترفيعهم وتنصيبهم السلطان ومعاونيه بعد ا ن تم تدريبهم على بروتوكولات الحياة القيادية والنظم الملكية منذ الصغر وصاروا على ا تم الاستعداد في تحمل الا عباء الا دارية وممارسة السلطة وفقا لنظام السلطنة. وعندما ضمت دارفور للا دارة المصرية في عهد الاستثمار التركي سنة 1875 م تم تعيين المدير الا داري لتولي الحكم بدلا عن السلطان ثم عاد ا لى دارفور نظام حكم السلطنة عند سقوط دولة المهدية عام 1898 م واستمر حتى سقوط دارفور يد الاستعمار الا نجليزي المصري بعد مقتل السلطان عل دينار ا خر سلاطين الفور عام 1916 م وطبق عليها نظام الا دارة البريطانية حيث سلمت الا دارة للمدير الا داري الذي ينوب عن الحاكم العام في الخرطوم وعين تحته مفتشو للمراكز التي ا نشي ت حينذاك وكان يخضع لا شرافهم زعماء العشاي ر ورو ساء ا الس التي ا قيمت في تلك المراكز واستمر هذا الوضع حتى نال السودان استقلاله عام 1956 م. 12

13 13 وحينما ا علن استقلال السودان في عام 1956 م وصحبه قيام ا ول حكومة وطنية حلت العناصر السودانية محل الا داريين الجانب وتمت سودنة الوظاي ف وسار النظام الا داري كما كان عليه حتى عام 1971 م حيث صدر قانون الحكم الشعبي والذي حلت بموجبه الا دارة الا هلية مرة ا خرى عام 1979 م. وحينما قسمت البلاد ا لى ا قاليم عام 1977 م وا علنت دارفور ا قليما من ا قاليم السودان. وقسمت ا لى محافظتين شماالية وعاصمتها الجنين وجنوبية وعاصمتها نيالا وا بقيت الفاشر ري اسة للا قليم حتى في ظل حكومة مايو ( م) وفي عام 1989 م وفي عهد حكومة الا نقاذ ا عيد تقسيم دارفور لتصبح ثلاث ولايات وهي شمال دارفور وري استها الفاشر جنوب ودارفور وري استها نيالا وغرب دارفور وري استها الجنينة وا نشي في كل ولاية عدد من المحافظات وا الس المحلية وركزت الحكومة اهتماما بالغا بالا دارة الا هلية والاستعانة ا في تنفيذ سياستها المركزية. ملمح تاريخي : يمكن تقسيم تاريخ دارفور ا لى فترتين ري يستين : الا ولى وهي التي تشمل المراحل التاريخية التي سبقت دخول الا سلام وهي تعطي الحقب الممتدة من العصور الحجرية وحتى قيام ا ولى السلطنات والمماليك الوثنية وهي الفترة الموازية للممالك النوبية القديمة التي تمثل ما يمكن تسميته بتاريخ دارفور القديم. ا ما الثانية فتبدا بدخول الا سلام وانتشاره في دارفور وتمتد لتشمل ا هم التطورات التي حدثت في تسلسلها حتى الزمن الحاضر فترة ما قبل الا سلام: تفتقر هذه الفترة التاريخية المكتوبة ذل لا ن دارفور حينما لم تحظ بزيارات الرحالة الذين سجلوا في مدونا م الكثير من الحقاي ق التي تتعلق بتاريخ السودان. ويعد براون ا ول رحالة يطا ا رض دارفور عام 1769 م (34) وبالتالي فا ن معظم ما جمع عنها من معلومات اعتمد بصورة ري يسية على الروايات الشفهية والتي تحتوي على كثير من التناقضات والاختلافات حول بعض القضايا المتعلقة بتاريخ ا موعات العرقية المو ثرة في تاريخ دارفور كالداجو والتنجر والفور هذا بالا ضافة شح المخلفات الا ثرية التي ا مكن الكشف عنها خلال ا هودات المحدودة التي بذلت في مجال الحفريات وهذا لا يعني با ي حال من الا حوال عدم وجود مخلفات ا ثرية في دارفور بل لربما يكون العكس تماما ا ذا ما بذلت مجهودات ا خرى مكثفة في هذا ا ال. ويمكن تقسيم المخلفات الا ثرية التي تم العثور عليها في الفترة الممتدة من حوالي العصر الحجري القديم وحتى العصر الحجري الحديث حيث شهدت دارفور البدايات الا ولى لظهور الحضارة وكانت تسكنها جماعات ا ثنية متفرقة كانت تشكل كل منها كيانا ا داريا قاي ما بذاته وكانت جميعها تدين بالديانات الوثنية ويغلب على حيا ا ما هو ا شبه بنظام القيمان ويسمى محليا بزمن مختلف ا موعات السكانية ا نذاك بغرض السلب والسبي ا و الثا ر والانتقام وتدل على تلك الفترة لعدم الاستقرار الذي لازم حياة السكان وقتي ذ. وتلزم الا شارة هنا ا لى ا ن الروايات الشفاهية التي تحكي عن تاريخ دارفور في الحقب التاريخية المختلفة سجلت في فترات متقطعة استغرقت حوالي ماي تي سنة. وبالرغم من ا ن ما سجله كل من بروان والتونسي لا يعدو ا ن يكون شذرات فقط ا لا ا ن ناختنال استطاع القيام بعمل مكثف عام 1874 م وسجل جزء كبيرا منها (36) العصور الحجرية : يستبعد بعض الدارسين وجد ا ثر تاريخي واضح يكون قد را ى النور في دارفور قبل الحصر الحجري الحديث وذلك لزعمهم با ن لا يوجد هناك ما يو كد اكتشاف وجود ا نسان يكون قد عاش في دارفور في الفترة التي عصرت بالعصر الحجري

14 القديم وا ن نيوبولد وهو ا ول من سجل مميزات الخزف الذي تم العثور عليه عام 1924 م عند تتبعه لا ول شكل من الاستقرار حدث للا نسان في دارفور في الجزء الشمالي ن ارجع تاريخه للعصر الحجري الحديث. غير ا ن هذا لا يعني ا بدا ا ن دارفور لم تكن ما هولة بالسكان قبل ذلك. خاصة بعد تم العثور على رسومات في الكهوف التي اكتشفت في جبال التقابو والتي ترجع ا لى العصر الحجري القديم( 37 ) ا م الا ثار التي خلفها ا نسان دارفور في العصر الحجري الحديث وتم العثور عليها في الجزء الشمالي فهي عبارة عن نعض الفو وس الحجرية الملساء والمقابض الرقيقة ا ضافة على بعض المطاحن الحجرية التي تعرف محليا بالمراحيك. وبينما لم توجد ا ثار مشابه لها في مناطق ا خرى في السودان فا ا تبدو ذات صلة واضحة بالصحاري الشمالية ومنطقة غرب ا فريقيا وهي تمثل جزءا من ا ولى المظاهر الا ثرية القديمة في دارفور. ا ما المظهر الثالث فهو المقابر الحجرية المنتشرة في انحاء متفرقة ا ذ وجد بعضها في المناطق التي تصحرت وصارت خالية من السكان. حيث يتراوح طول هذه المقابر بين خمسة ا لى ثمانية ا متار ويمتد عمقها ا مثر من متر تقريبا ولم يعثر بداخلها على الممتلكات سوى في منطقة جبل عطاش حيث وجد الا هالي بعض النقود المصنوعة من قشور بيض النعام وقد وجدت نفس القبور في جبال الايندي الفرنسية خلف النيل في الشرق. ا ما بالنسبة للسكان الذين عاشوا في تلك الحقبة فقد ا طلقت عليهم ا سماء مختلفة فمن الناس من يسمو م الميما ويطلق عليهم الميدوب سولومدام. ا ما الفور فا سمهم ا بي القنان واحيانا الطرا. والعرب في دارفور ا طلقوا عليهم العنج. ويبدوا ا م يمثلون ا ولى الجماعات التي عاشت في دارفور في الفترة التي سبقت دخول الا سلام الذين ما زالوا يكتنفهم كثير من الغموض وهم ا ول من شيد المباني الحجرية في دارفور بصورة مميزة عما جاورهم. وكانوا ا ول من ا دخلوا زراعة التروس في جبل مرة ومنحدرات جبال سي. ويرجع لهم الفضل في ا دخال ا سلوب الري عن طريق شق ا اري الكنتورية في جبل مرة بصور ا المدهشة المتمثلة في رفع المياه من ا سفل ا لى ا على والتي ما يزال الناس يعتمدون عليها حاليات في الزراعة الجبلية. ويختلف الطرا عن الفور في طول قامتهم وكبر حجم ا جسامهم وهم ينتمون على مجموعة من الغزاة من ذوي البشرة البيضاء ا طلق عليهم االكانوري ووالهوسا اسم الطر وكانوا يعنون به مجموعات من البيض جاءوا من شمال ا فريقيا. واستطاع هو لاء الطرا ا ن يسيطروا على ا موعات التي حولهم في جبل مرة حتى قيام مملكة الداجو التي فرضت نفوذها على دارفور( 38 ) مملكة الداجو : (القرن الثاني عشرا القرن الرابع عشر م ( يتفق المو رخين ا ن مملكة الداجو هي ا و مملكة قامت في دارفور في الجزء الجنوبي منها على وجه التحديد وهناك العديد من الا راء التي تدور حول ا صلهم وقد قال التونسي ا م قدموا ا صلا من وادي وسيطروا على دارفور فيما بين القرنين العاشر والخامس عشر الميلادي وكانوا يعرفون بجماعة فرعون وان حكمهم امتد حوالي الخمسة وعشرين سلطانا ا قام الستة الا واي ل منهم مراكزهم في جبل مرة لكنهم في روايا م الشفاهية يرجعون با صلهم للعرب ويربطون نسبهم با بي زيد الهلالي. لذلك فقد احتار المو رخون حولهم ولم يحددوا ما ا ذا كانوا قد جاءوا ا لى دارفور من الشرق ا م غير ذلك. وقد كانت جماعة منهم تعمل ا ساسا في تربية الا بقار والزراعة بالقرب من منطقة نيالا الحالية وغرب دارا وا جمعت بعض الدراسات على ا ن مركزهم الري يس هو الركن الجنوبي لواد ي في دار سلا وقد انتشرت مجموعات كبيرة منهم في المناطق الواقعة بين سنار وبلاد النوبة في 14

15 الشرق. هذا قود ا قاموا مملكتهم القديمة في دارفور فيما يعرف حاليا بجبال الداجو في الجزء الجنوبي منها. ويعتبرهم التونسي ا حد ا موعات الا صلية الكبيرة المكونة لسكان دارفور وقد وصفهم بعض المو رخين با م قبيلة كبيرة من السود الوثنيين ومن مخلفا م التي عثر عليها قليل من المباني الا ثرية في جنوب جبل مرة ا ضافة ا لى بعض المقابر. ويرى الفور ا ن المدينة المبنية من الحجر التي عثر عليها في جبال الشميات في ا قصى شرق دارفور ترجع لهم. عليه فا ذا سلمنا جدلا با ن ا صلهم يرجع ا لى التاجو الذين جاءوا من الشرق كما يرى بعض المو رخين فمن الممكن ا ن تنسب ا ليهم قلاع الطرا في منطقة الزغاوة ما دام ا ن الزغاوة ا نفسهم لا يزعمون ا م ملكهم. ومن خلال تتبع ا صل الداجو يرد شكل من ا شكال الصلة الغامضة وبين النوبيين في شمال السودان ا ضافة على الا راء التي تقضي ا لى ا ن المنطقة التي ا قاموا فيها مملكتهم كانت تقع ضمن حدود مملكة مروي. ونشا ت كمثيلا ا من الممالك الا خرى ا ثر الضعف والانحلال الذي ا صاب الحكم المركزي لملوك النوبة فتحررت ا موعات القاطنة في ا طراف السودان من قبضتهم وا قامت ممالك مستقلة بذا ا واستمر الداجو في دارفور على ا ن ا غلبهم التنجر في ا واخر القرن الرابع عشر الميلادي (39) مملكة التنجر (القرن الرابع عشر القرن السادس عشر م) : تشير الروايات الشفاهية ا لى ا ن التنجر حلوا محل الداجو بطريقة سلمية ا لا ا ن تاريخهم وا صلهم ما يزال يكتنفه الغموض ا كثر من الداجو وهم ينتشرون في المنطقة الممتدة من شمال نيجريا في الغرب وحتى دارفور في الشرق ويتحدث بعضهم اللغة العربية والبعض الا خر لغة الكانوري. وهم ا موعات التي تكاد ا ن تسقط من ذاكر ا ماضيها العريق. ويقال ا ن مملكتهم قامت موازية للملكة الفور. وبناء على التقارير التي جمعها الرحالة والا داريون البريطانيون لا تبدوا عليهم سمات العرب من حيث الا صل. غير ا ن هناك من يرجعهم للعرب وهذا يتفق بعض المو رخين حول الافتراض القاي ل با م جاءوا من دارفور من الشرق. هذا بالرغم من الهجرة من الشرق ا صبحت ا دعاء شاملا وسط ا موعات السكانية على طول الحزام السوداني (40) وقد ا سس التنجر ا مبراطوريتهم التي غطت دارفور وود اي في حوالي القرن السادس عشر الميلادي وتنسب ا لهم الا ثار التي عثر عليها في كل من عين فرح ومنطقة اوري التي ارتبطت بتاريخهم. وكانت عاصمتهم الا ولى شمال دارفور وظهرت لهم مو خرا عاصمة ا خرى في كاداما بود اي. (41) وبالرغم من ا ن قصة استيطا م واضحة في ود اي ن ا لا ا ا لا تخلو من تعقيد في دارفور وذلك نسبة لتداخل الروايات الشفاهية حول ا صلهم وا صل مجموعة الفور الكيرا التي ارتبطت م خاصة عند تتبعها من خلال شخصية ا حمد المعقور والملاحظ ا ن روايا م الشفاههية لا تولي اهتماما لكيفية بداية سلطنتهم بقدر ما تركز على ايتها. ومن ا شهر ملوكهم نينا الذي يقال ا نه كان مهابا من جيرانه واستطاع ا برام حلف مع الا تراك وكانت تصله الا سلحة من القاهرة بوساطة التجار (42) وقد عاصرت مملكة التنجر ممالك النوبة المسيحية ن نظرا لما عثر عليه من مقتنيات تشتمل على قطع من الخزف المسيحي النوبي تحمل بعض ملامح تلك الفترة الا مر الذي يو كد على وجود بعض التحركات التجارية النوبية في دارفور 15

16 16 ا نذاك وقد شهدت فترة حكم التنجر بدايات الهجرات العربية بالا سلامية في دارفور. ويرجع لهم الفضل في اتجاه دارفور نحو التوسع السياسي والاحتكاك بالعالم الخارجي وتعتبر مملكتهم ا ول مملكة تجارية قامت في دارفور. وعلى الرغم من ا شارة بعض الباحثين ا لى وجود فجوة بين ا يار سلطنتهم وانتقال السلطة للفور ن ا لا ا ن دارفور قد خضعت ا ثناء القرن السادس عشر الميلادي لا مبراطورية برنو بالا سلامية التي تم تا سيسها في قاسر بقامو شرق بحيرة تشاد وذلك استنادا على الروايات الشفاهية في برنو التي يزعم من خلالها ا ن ا مبراطورية البرنو امتدت حتى النيل شرقا وبلغت ا وج عظمتها في عهد السلطان محمد ا دريس ( م) ويرجع بعض المو رخين ا ن ا مبراطورية التنجر ا ارت على يد بحر حاكم سلطنة برنو الشرقية بالا سلامية والذين قانون يجمع بين العرف والشريعة بالا سلامية عرف بقانون دالي والذي طبقه ا ولا في اورى عاصمة التنجر بعد ا ن ا قصاهم بعيدا تجاه الجنوب حتى صعدوا مرتفعات جبل مرة تم تعيينه ا ميرا على دارفور وتمكن من فرض سيطرته عليها وبنى لنفسه مسجدا في عين فرح وما زال قانونه يعرف حتى الا ن بقانون دالي والذي ا صبح يدرس في الجامعات وهو يعد ا حد نماذج التشريع الا سلامي وصار يمثل مرجعا هاما لطلاب القانون (43) وبعد سقوط ا مبراطورية التنجر في دارفور ظلوا يشكلون الا سرة الحاكمة في ود اي واستمروا في حكمها عدة سنوات ا لى ا ن جاء مغامر عربي يسمى عبد الكريم يامي والذي تتداخل شخصيته في بعض الروايات الشفاهية مع شخصية سليمان سولونق واعتلى عرش المملكة وطرد حكامها التنجر غربا ا لى كانم. ويلاحظ كذلك وجود تداخل ا خر بين شخصيات ا حمد المعقور شقيق ا بي زيد الهلالي وسليمان سولنق المعروف بسليمان العربي ودالي الهوساوي وشاو دور شيد التنجراوي في نصوص الروايات الشفاهية التي ا جمعت بين ود اي وبرنو ودارفور كما وردت في كثير من المراجع والتي تتفق جميعها في زواج رجل عربي قدم من الشمال من ا حدى بنات الملوك ونصب ابنه سليمان سولونق كا ول ملك في سلطنة دارفور الكيرا الذين كان ا خر سلاطينهم على دينار (44) الا ثر المسيحي النوبي في دارفور: من الا ثار الدالة على تغلغل الا ثر المسيحي في دارفور وجود مدينة صغيرة تم العثور عليها في وارا عاصمة السميات شرق الفاشر والتي غزاها بلاغ ا حد ا مراء النوبة ودمرها عام 1153 م كما تم ا يضا العثور على قطع في منطقة عين فرح في شمال دارفور ويرجع تاريخها للفترة ما بين القرنين التاسع والثالث عشر الميلادي هذا بالا ضافة ا لى العثور على شباك من الزجاج يرجع لذلك التاريخ كما وجدت ا يضا مخلفات قصر يرى بعض الباحثين ا نه قد بناه شاو دورشيد ا خر سلاطين التنجر ا لى الفور الكيرا حوالي القرن السابع عشر الميلادي ومن ا وضح الا ثار المسيحية التي وجدت في عين فرح صور القساوسة وا خرى مثل الصليب وشجر النخيل والزراعة بواسطة السدود وتشير بعض المراجع وجود بعض الا ثار النوبية المسيحية في منطقة تيسي وهبة الانيدي التي لجا ا ليها السلطان شاو دور شيد ا خر سلاطين التنجر عند هروبه وهي غالبا ما تكون قد جاءت عبر الطريق الذي كان يربط بين وادي هور وميرقا وواحات سليمة في شمال دارفور مع الغزاة القادمين نمن الشرق كما كان وادي الملوك هو الطريق المباشر لنقل المقرة المسيحي في دارفور (45) ولعل التدقيق في تتبع ا صل التنجر وبعض ا موعات الا خرى قد يفيدنا كثيرا في تحديد ما ا ذا كانت دارفور تابعة في ذلك العهد للملكة النوبة المسيحية في الشمال ا و معرفة على الا قل كيف كان شكل العلاقة بينهما هذا ا ذا ا خذنا في الاعتبار را ي الا ب فانتيني القاي ل با ن الملك ناتاكامني المروي بلغ نفوذه دارفور غربا في بداية العصر الميلادي ا ضافة ا لى وجود بعض

17 المناطق الا ثرية التي ترجع للتنجر في المنطقة الممتدة من كوسي وجبل حريز في الجنوب ودتى دار زغاوة في الشمال والتي تعكس الا ثر النوبي في دارفور خاصة منطقة دار قمر في الطريق المو دي ا لى منطقة وارا شمال ابشي عاصمة التنجر القديمة في مملكة ود اي. (46) أثر دخول الا سلام وانتشاره في دارفور : لقد بدا ت حركة الا سلام تتقدم شرقا من مملكة برنو نحو في القرن الثالث عشر الميلادي. ومن ا هم العوامل التي ساعدت على دخول الا سلام في ا ا كانت معبرا لقوافل الحج القادمة من الممالك الغربية الا فريقية المسلمة المتجهة شرقا نحو الحجاز عن طريق درب الا ربعين وكذلك عن طريق سنار البحر الا حمر. هذا بالا ضافة ا لى ضعف كل من الشعاي ر الوثنية التي كانت تمارس في دارفور وضمور الا ثر المسيحي التي تمركز في الجانب الشمالي منها والذي كان يمارس في البداية على مستوى بلاط السلطنة لدى ملوك التنجر خاصة في ما كان يصدر منهم من ا حكام وقوانين وشراي ع تعكس ا ثر ممالك ا فريقيا الا سلامية عبر وداي على دارفور من جهة الغرب ا ما الجهة الشمالية فا نه وبسقوط مملكة النوبة المسيحية سقط الحاجز السياسي الذي كان يحول دون هجرة العرب للسودان عن طريق وادي النيل فاندفع العرب من صعيد مصر جنوبا ون طريق الصحراء وا رض البجة والبطانة والجزيرة وكردفان و دارفور وتواصلت هجرات عربية ا خرى عبر درب الربعين والواحات الغربية والصحراء الكبرى والتقت مع تلك القادمة من بلاد السودان الغربي واختلطت بالسكان المحليين الذين اخذوا من العرب دينهم الا سلامي وثقافتهم العربية واتخذ الا سلام مظهرا خاصا في دخوله كدين وعقيدة ا ذ كان يحمل من سنن الحضارة ما هو ا رقى وا سمى من الا عراف المحلية وا قوى من الا ثر المسيحي الا مر الذي يسر عملية التلاحم بينه وبينها دون صدام وذلك ينم عن عملية حضارية فريدة وذات ا عماق واتساع وعناصر متشابكة ومتداخلة في صميم كيان التركيب الاجتماعي والثقافي لشعب دارفور وخير دليل على ذلك هو قيام مملكة الفور الا سلامية على ا نقاض سلطنة الداجو عام 1640 م (47) وقد ارتبط ظهور سلطنة الفور بشخصية سليمان سولونق ( م ( الذي تولى حكمها متخذا النظام الا سلامي ا سلوبا في حكمه وقد ساعده في ذلك شخصيته تمثل ا نموذجا حقيقيا للا نسان المسلم. وتعاقب على عرشها عدد من السلاطين الذين ساروا على جه وقد بذل بعضهم جهدا مقدرا في تكوين نظام الحكم وتوطيد ركاي ز الدولة ففي عهد السلطان ا حمد ا بكر ( م) اتسعت السلطنة وتمددت حتى بلغت الشمال الغربي وضمت ا ليها مناطق التنجر وقام بجلب الحرفيين من الغرب وبنى المساجد بالطين اللبن والطوب المحروق. ثم جاء بعده السلطان عبد الرحمن الرشيد ( م) الذي نقل العاصمة التي كانت تعرف بالفاشر ومعناها مجلس السلطان من غرب جبل مرة ا لى شرقه في الريل ثم على مكا ا الحالي المعروف سابقا بتندلتي ا و البركة الكثيرة. وخلفه السلطان محمد حسين ( م) الذي ا علن استقلاله عن الا مبراطورية العثمانية ولكي يو كد ذلك قام باحتواء رجلا مطلوبا للقبض عليه من قبل السلطان العثماني لا نه كان يصنع السلاح في استنبول. لكن بعد موته مباشرة عادت دارفور للحكم الاستعماري التركي عام 1874 م وبعد انتصاره على السلطان ا براهيم قرض ( م) في ا ربع مواقع حربية (49). 17

18 عليه فا ن انتشار الا سلام في دارفور قد ارتبط بمملكة الفور ويرجع الفضل في ذلك للرجال المتدينين الذين كانت تربطهم بالسلاطين علاقة مقنن بعد ا ن صارت لهم حقوق قانونية تتمثل في تمليكهم وذويهم الحواكير سواء بغض الاستقرار وبناء المساجد وفتح الخلاوي لتحفيظ القرا ن الكرسيم واستغلالها في الرعي والزراعة والانتفاع بخراجها. هذا وقد ا جمع عدد من المو رخين على ا ن الفضل في تا سيس ا ول مملكة ا سلامية في دارفور يرجع ا لى كل من السلطان دالي وا حمد المعقور وابنه سليمان سولنق ويرد في الروايات الشفاهية ا ن ا حمد المعقور هو شقيق ا بو زيد الهلالي وسمي المعقور لا ن ا با زيد الهلالي عقره بدلا عن قتله تنفيذا لطلب زوجته التي ا وشت لا بي زيد با نه قد راودها ورفضت وتركه خلفه ورحل عنه فوجده قوم وا خذوه معهم واعتنوا به عناية كاملة والتمسوا فيه الحكمة ورجاحة العقل فزوجوه بنت ملكهم شاو دور سيد وا نجب منها السلالة التي ا قامت سلطنة الفور في دارفور (50) وقد كان القصد في تطبيق قانون دالي في بداية السلطنة هو استبدال العادات والتقاليد والنظم الساي دة ا نذاك بالشريعة الا سلامية القاي مة على مذهب الا مام مالك الذي يتبعه ا هل السودان والذي ا دخلة الا مام الفقيه محمد سلامة ثم جاء سليمان سولنق وكان ا نموذجا لشخصية رجل الا سلام فاهتم ببناء المساجد وشجع المواطنين على ا تباع السلوك الا سلامي القويم واستمر ذلك الوضع على عهد السلطان عبد الرحمن الرشيد ( م) الذي بذل جهدا كبيرا في توطيد دعاي م الدولة المسلمة في دارفور وشجع هجرة رجال الدين (51) ا ليها من مختلف بقاع العام الا سلامي وهيا لهم ظروف الاستقرار وعمل بدا ب على ا قامة المساجد وتشييد الخلاوي وتحفيظ القرا ن الكريم للرجال والنساء ونشر تعاليم الدين الا سلامي وكذلك هو ديدن السلاطين الذين ا توا من بعهد. ا ما رجال الدين الذين استقروا في دارفور سواء استجابة لدعوة السلاطين ا و بغرض الهجرة في سبيل االله ا و ا ثناء رحلتهم ا و عود م من الحج فقد لعبوا دورا عظيما في نشر الدين الا سلامي والثقافة العربية وقد ولاهم السلاطين ا مر القضاء وا مامة المساجد واتخذوا بعضهم مستشارين لهم الا مور التي تتعلق بالشارع وكانوا خير عون لهم في توطيد سلطا م وبسط نفوهم على العامة وقد ساعد موقع دارفور الجغرافي على قدوم رجال الدين الا واي ل من المغرب الا سلامي عبر وادي ومن الحجاز ومصر وشمال السودان عبر طريق وادي النيل وقد اتخذ السلاطين شتى التدابير لتشجيعهم ودفع نشاطهم من ا جل نشر العقيدة الا سلامية على ا سس سليمة حتى تحل محل العادات والتقاليد الوثنية القديمة لذلك فقد اهتم الناس بمجالسة العلماء والاستماع ا لى ا راي هم وفتاويهم في مختلف ا مور دينهم ودنياهم وا قبلوا على حفظ القرا ن الكريم وتشرب معانيه وبدءوا يرسلون ا بناءهم للخلاوي لحفظ القرا ن الكريم والاهتداء به وحتى يغرسوا في نفوسهم القيم الا سلامية الفاضلة وينشا وا نشا ة صالحة ويحذوا حذو العلماء والصالحين الا برار (52) عليه فقد التقت جهود اسلاطين بجهود رجال الدين الا سلامي من جهة ا خرى وتدافعت مع بعضها حتى ا صبح الدين الا سلامي يشكل القاعدة الا ساسية التي يمكن الرجوع ا ليها في تربية وتعليم وتنشي ة الا بناء في دارفور ومن ثم تغلغل الا سلام وثقافته العربية في جسد ا تمع حتى ا صبح التدين وتمثل الا نساب والثقافة العربية من ا هم السمات المكونة لشخصية ا هل دارفور عموما اللغة آعنصر ثقافي في دارفور: 18